لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَــــومَهُ
بِبَيانِهِ وَيَراعِــــــــــــهِ السَبّاقِ
مَن لي بِتَربِيَــــــةِ النِساءِ فَإِنَّها
في الشَرقِ عِــــــلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَدرَسَـــــــــــــةٌ إِذا أَعدَدتَها
أَعدَدتَ شَعباً طَيِّــــــــبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَـــــــــهَّدَهُ الحَيا
بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّمـــــــــــــا إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَســــــــــــاتِذَةِ الأُلى
شَغَلَت مَآثِرُهُم مَـــــــــدى الآفاقِ
أَنا لا أَقولُ دَعـوا النِساءَ سَوافِراً
بَينَ الرِجالِ يَجُـــلنَ في الأَسواقِ
يَدرُجنَ حَيثُ أَرَدنَ لا مِــن وازِعٍ
يَحذَرنَ رِقبَتَهُ وَلا مِــــــــن واقي
يَفعَلنَ أَفعــــــــالَ الرِجالِ لِواهِياً
عَن واجِباتِ نَواعِـــــسِ الأَحداقِ
في دورِهِنَّ شُؤونُــــــهُنَّ كَثيرَةٌ
كَشُؤونِ رَبِّ السَيــفِ وَالمِزراقِ
كَلّا وَلا أَدعـــــــوكُمُ أَن تُسرِفوا
في الحَجبِ وَالتَضييقِ وَالإِرهاقِ
لَيسَت نِساؤُنا حُـــــــلىً وَجَواهِراً
خَوفَ الضَياعِ تُصانُ في الأَحقاقِ
لَيسَت نِســـــــــــــاؤُنا أَثاثاً يُقتَنى
في الدورِ بَينَ مَخــــــادِعٍ وَطِباقِ
تَتَشَكَّلُ الأَزمــــــــانُ في أَدوارِها
دُوَلاً وَهُنَّ عَلى الجُمــــودِ بَواقي
فَتَوَسَّطوا في الحـالَتَينِ وَأَنصِفوا
فَالشَرُّ في التَقــــــــييدِ وَالإِطلاقِ
نُربّي البَناتِ عَلــــى الفَضيلَةِ إِنَّها
في المَوقِفَينِ لَهُنَّ خَيـــــــرُ وَثاقِ
وَعَلَينا أَن تَستَــــــــــــــبينَ بَناتُنا
نورَ الهُدى وَعَلــى الحَياءِ الباقي
كَــم ذا يُكـــابِدُ عـــــــــاشِقٌ وَيُلاقي
في حُبِّ مِصـــرَ كَثيــــــــرَةِ العُشّاقِ
إِنّي لَأَحمِلُ فـــــي هَــــــواكِ صَبابَةً
يا مِصرُ قَد خَـــــرَجَت عَنِ الأَطواقِ
لَهفي عَلَيـــــــــــــكِ مَــــــتى طَليقَةً
يَحمي كَــــــريمَ حِمــاكِ شَعبٌ راقي
كَلِفٌ بِمَحــــــــمودِ الخِـــــــلالِ مُتَيَّمٌ
بِالبَذلِ بَيــــــــــــــــنَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ
إِنّي لَتُطرِبُنــــــــي الخِـــــلالُ كَريمَةً
طَرَبَ الــــــــغَريبِ بِــــأَوبَةٍ وَتَلاقي
وَتَهُزُّني ذِكرى الــــــمُروءَةِ وَالنَدى
بَينَ الشَمـــــــائِلِ هِـــــــزَّةَ المُشتاقِ
ما البابِلِيَّةُ فــــي صَـــــفاءِ مِزاجِها
وَالشَربُ بَينَ تَنـــــــــــافُسٍ وَسِباقِ
وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي
وَالبَدرُ يُشرِقُ مِن جَبــــــينِ الساقي
بِأَلَذَّ مِن خُـــــــــــــــــلُقٍ كَريمٍ طاهِرٍ
قَد مازَجَتهُ سَـــــــــــــلامَةُ الأَذواقِ
فَإِذا رُزِقتَ خَـــــــــــــليقَةً مَحمودَةً
فَقَدِ اِصطَفــــــــــاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالناسُ هَذا حَــــــــــــظُّهُ مالٌ وَذا
عِلمٌ وَذاكَ مَكاــــــــــــــرِمُ الأَخلاقِ
وَالمالُ إِن لَـــــــــم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً
بِالعِلمِ كانَ نِهـــــــــــــايَةَ الإِملاقِ
وَالعِلمُ إِن لَــــــــــم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ
تُعليهِ كانَ مَـــــــــــــطِيَّةَ الإِخفـاقِ
لا تَحسَبَنَّ العِلـــــــــــمَ يَنفَعُ وَحدَهُ
ما لَم يُتَوَّج رَبُّــــــــــــــــهُ بِخَلاقِ
كَم عالِمٍ مَدَّ العُــــــــــــــلومَ حَبائِلاً
لِوَقيعَةٍ وَقَطيـــــــــــــــــعَةٍ وَفِراقِ
وَفَقيهِ قَومٍ ظَـــــــــــلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ
لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَـــــــــــــــلِّ طَلاقِ
يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيـــــهِ عِمامَةٌ
كَالبُرجِ لَكِن فَـــــــــــــوقَ تَلِّ نِفـاقِ
يَدعونَهُ عِنـــــــدَ الشِقاقِ وَما دَرَوا
أَنَّ الَّذي يَدعــــــــــونَ خِدنُ شِقاقِ
وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَـــــــــــــلَّ لِطِبِّهِ
ما لا تُحِلُّ شَريـــــــــــــعَةُ الخَلّاقِ
قَتَلَ الأَجِنَّةَ فــــــــي البُطونِ وَتارَةً
جَمَعَ الدَوانِقَ مِـــــــــن دَمٍ مُهراقِ
أَغلى وَأَثمَنُ مِــــــــن تَجارِبِ عِلمِهِ
يَومَ الفَخارِ تَجـــــــــــــارِبُ الحَلّاقِ
وَمُهَندِسٍ لِلنـــــــــــــيلِ باتَ بِكَفِّهِ
مِفتاحُ رِزقِ العــــــــامِلِ المِطراقِ
تَندى وَتَيبَسُ لِلخَــــــــــلائِقِ كَفُّهُ
بِالماءِ طَوعَ الأَصــــــــفَرِ البَرّاقِ
لا شَيءَ يَلوي مِن هَــــواهُ فَحَدُّهُ
في السَلبِ حَدُّ الخــــائِنِ السَرّاقِ
وَأَديبِ قَومٍ تَستَــــــــــحِقُّ يَمينُهُ
قَطعَ الأَنـــــامِلِ أَو لَظى الإِحراقِ
يَلهو وَيَلعَبُ بِالعُــــــــقولِ بَيانُهُ
فَكَأَنَّهُ في السِحـــــرِ رُقيَةُ راقي
في كَفِّهِ قَلَـــــــــــــمٌ يَمُجُّ لُعابُهُ
سُمّاً وَيَنفِثُـــــــــهُ عَلى الأَوراقِ
يَرِدُ الحَقائِقَ وَهــيَ بيضٌ نُصَّعٌ
قُدسِيَّةٌ عُلوِيَّــــــــــــةُ الإِشراقِ
فَيَرُدُّها سوداً عَلـــــــى جَنَباتِها
مِن ظُلمَةَ التَمــــويهِ أَلفُ نِطاقِ
عَرِيَت عَنِ الحَقِّ المُطَهَّرِ نَفسُهُ
فَحَياتُهُ ثِقلٌ عَـــــــــلى الأَعناقِ
لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَــــومَهُ
بِبَيانِهِ وَيَراعِــــــــــــهِ السَبّاقِ