الجمباز فن من الفنون الرياضية الخالدة، التي مارسها الإنسان في مسار ارتقائه الطويل بأساليب متعددة، وطرائق متنوعة.
وتشير الأدلة التاريخية والقرائنالأثرية إلى مصر القديمة كأول مدينة عرفت الجمباز، ومارسته كرياضة، وما النقوش الموجودة على جدران المقابر الفرعونية القديمة إلا دليلساطع على ذلك. أما الصينيون، وإن تكن مزاولتهملهذه الرياضة قد تأخرت عن المصريين عدة قرون، إلا أنهم قاموابتطوير بعض الأنشطة التي تشبه الجمباز، وخاصة تلك التي تتصل بالشكل العلاجي الطبي واستخدموها لهذا الغرض.
وعندما انتقل هذا الفن إلى بلاد الإغريق، انتقلنقلة جديدة في طريق النمو والتطور فأعطاه الإغريق اهتماما كبيرا ومنحوه الاسم الذي يحمله حتى الآن (جمناستيك) وشغف به الأسبرطيون، وأخضعواشبابهم، وحتى بناتهم لتدريباته، وكانت حركاتهالشائعة حينئذ تشتمل على بعض حركات الأكروبات والرقص وتسلق الحبال والتوازن.
وعندما جاء عصر الرومان، قلد الرومانيون برامج التدريب الإغريقية التي أجروا عليها بعض التعديلات لتتفق وتتلاءم وأهدافهمالعسكرية، واهتموا بشكل خاص، بجهاز يشبهجهاز الحصان الموجود حاليا ضمن أجهزة الجمباز.
ولما سكنت رياح الحضارة الإغريقية والرومانية، هبطت رياضة الجمبازكغيرها من النشاطات الرياضية إلى مستوىمتدن، وظلت في ركود تام حتى عصر النهضة الأوروبية.
وعندما بدأ فجر عصر النهضة الأوروبية بالبزوغ، آذن بعصر جديد وحديثللجمباز، فتأصلت أصوله، وانتظمت حركاته،فأصبحت اكثر فنا عما كانت عليه في العصور الغابرة.
ويعتبر (يوهان باسيدو) الألماني (1723 - 1790) صاحب فضل كبير على لعبةالجمباز، التي أدخل تدريباتها ضمن برامجمدرسته سنة 1776 ثم تلاه (جونس موتس) (1759 - 1793) والذييلقب بجد الجمباز، فعمل على إدخال هذه الرياضة إلى المدارس البروسية، كما كتب عدة مقالات عن رياضة الجمباز للشباب.
أما فردريك يان (1778 - 1852) فيعتر الأبالحقيقي لهذه الرياضة، فقد أسس حركة الجمباز الحرة، والتي كانت تحمل في طياتها فكرة ربط التدريب على حركات الجمباز بالأعمال الوطنية، كما قامباحتراع عدة أجهزة مثل العقلة والمتوازي وأجهزةالتسلق، وكان يسمي هذه الرياضة باسمها اليوناني القديم (جمناستيك)وهي الفكرة الأساسية التي نشأ منها جمباز الأجهزة. عن طريق اكتشاف الحركات والتمرينات والأجهزة شككت الحكومة البروسية في نيات (يان)ودوافع فلسفته، وبعد أن وضعت الحرب البروسيةأوزارها، ألقي القبض على (يان) بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومةعلى أثر ذلك، قام أعضاء حركة الجمباز الحرة بالتدريب داخل أماكن مقفلة خوفا من الحكومة التي حرمت تدريبات الجمباز. ومن هنا، جاءت فكرةالتدريب في صالات مقفلة.
وكانت تمرينات الجمباز في أيام (يان) تعمل على تنمية القوةوالمهارة والترويح بالإضافة إلى خدمتها،كوسيلة لتربية الشباب الألماني تربية وطنية للدفاع ضدأطماع نابليون، كما كان (يان) يهدف إلى خلق روح جديدة في الشعب الألماني لمقاومة الأسياد والإقطاعيين.
وعندما أفرج عن (يان) رحل مع تلاميذه إلى مناطق الغابات والحقول، ثم عاد إلى برلين عام 1811، وكون مع تلاميذه أولساحة للجمباز في برلين (هازن هايد) وأعلن شعارفن الجمباز للمجتمع، وخلال فترة سنتين، انضمت مجموعات كبيرةمن الذين شغفوا برياضة الجمباز إلى (يان) وتلاميذه، وعمل هؤلاء على تأسيس الجمباز كعلم يقوم على البحث، فطوروا حركاته على الأجهزة الرئيسيةفي تلك الفترة، وهي العقلة والمتوازي والحصان.بالإضافة إلى ذلك قام (فريزن – تسنكر – بيشون) بإنشاءمدرسة لجهاز الحصان.
وظلت الحكومة البروسية تنظر بعين الشك والارتيابإلى (يان) وحركة الجمباز الحرة، وتتحين الفرص للانقضاض عليه، وسنحت الفرصة عندما اغتيل أحد الأشخاص، فاعتقلت السلطة (يان) ومجموعته،وأمرت بإغلاق ساحات الجمباز ومنعت مزاولته.
ولكن هذا الأمر لم يخمد جذوة التقاليد التي غرسها (يان) في نفوس الألمان، فاستمرت هذه الرياضة تنمو وتتطور،فأنشئ الاتحاد الألماني للجمباز عام 1868.
ولم تكن رياضة الجمباز حكرا على (يان) وتلاميذه في بروسيا، فقد كانت هذه اللعبة نشطه في السويد، وخاصة في مدارسهاوذلك على يد المربي (أدولف شييس) (1810 -1858). وأوضح (بير لنج) السويدي القيمة العلاجية للجمبازوبسط تمريناته، حتى يتمكن الناس من استخدامها وممارستها، واخترع بعض الأدوات المعروفة حاليا مثل المقعد السويدي، والصندوق المقسم. وبعدذلك أنشأ (فرانتس ناختجال) (1777 - 1847)أول مدرسة لإعداد مدربي الجمباز في كوبنهاجن.
وعن طريق الألمان، دخلت اللعبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، منخلال الأفراد وأعضاء حركة الجمبازالحرة الذين فروا إلى أميركا الشمالية بعد ثورة 1848 فيألمانيا، وكونوا ما يسمى بالاتحاد الاشتراكي للجمباز في الولايات المتحدة الأميركية، ومن خلالهم تم إقامة كلية (نورمل) للجمباز الأميركي فيانديانا بوليس سنة 1865.
ويعتبر الدكتور (دودلي سارجنت) الذي أصبح مدرسا للجمباز في كلية (بودويت) ثم في كلية (يال) ثم في (هارفرد) من أوائل الرواد الذينعملوا على نشر هذه الرياضة في الولايات المتحدةفضلا عن قيامه باختراع بعض الأجهزة الرياضية للجمباز.
أما الاتحاد السوفيتي، فلم تعرف رياضة الجمباز الانتشار فيه حتى 14أيار سنة 1883 حيث تكونت أول منظمةللجمباز في موسكو، وأطلق عليها اسم الهيئة الروسية للجمباز،ولكن المستوى الفني لهذه الرياضة استمر متدينا حتى قيام الثورة الروسية، ثم تصاعد عدد الممارسين لهذه الرياضة، وأصبحت لعبة الجمباز رياضةشعبية.
تألف الاتحاد الدولي لهذه الرياضة عام 1891، وصنفت في المنهاجالأولمبي منذ بداية الألعاب الأولمبية سنة1896 للرجال، أما جمباز النساء فلم يدخل هذه الألعاب إلاعام 1928 في دورة أمستردام الأولمبية.
طرق ممارسة الجمباز :
يختص الجمباز كرياضة بمفهومخاص، حيث ينصب تركيز الرياضي علىالتوافق والمهارة والقوة والرشاقة. والجمباز لعبة فردية، تتطلب من اللاعب التغلب على مخاوفه فيتعلم الحركة، وأدائها ثم إجادتها. وتمارس هذه اللعبة بواسطة عدة أجهزة مختلفة منها خمسة للرجال وثلاثةللسيدات، إضافة للحركات الأرضيةالتي يؤديها الرجال والنساء دون استعمال أية أداة.
يمارس الرجال رياضة الجمباز على الأرض وبواسطة أجهزة على النحو التالي :
1. التمرينات الحرة على الأرض : يقوم فيها اللاعب بأداء حركات وتمرينات تستمر بين60 ثانية و 90 ثانية على بساطمربع الشكل طول ضلعه اثنا عشر متر. ومغطى ببساط مصنوع من الإسفنج الفليني سماكته 54 ملم تقريبا.
2. المتوازي : وهو جهاز من عارضتينمتوازيتين مصنوعتين من الخشب المتين. طول عارضةالمتوازي بين ثلاثة أمتار وثلاثة أمتار ونصف المتر، والمسافة بين العارضة الأولى والثانية بين40 سنتم و 46 سنتم وترتفع العارضتان عن الأرض مسافة تتراوح بين 1,50 م و 1,75 م.
3. جهاز العقلة : يتألف هذا الجهاز من عارضةمن الصلب المصقول قطرها 28,3 ملم، وارتفاعها عن الأرض 2,40 م وطولها 2,40 م مثبتة على قائمين متينين.
4. جهاز الحلق : ويتألف من عارضة، حلقتين،وحبلين. ارتفاع الحلق عن الأرض 5,50 م، وتصنع الحلقتان من الخشب المصقول، سمك قبضتها 28 ملم، وقطرها الداخلي 18 سنتم، أما المسافةمن الأرض إلىالحلقتين فتتراوح بين 2,40 م و 2,50 م وتلغ المسافة بين حبلي الحلقتين 50 سنتم.
5. حصان الوثب : وهو جهاز مصنوع من الخشبومغطى بالجلد طوله 1,60 م وارتفاعه عنالأرض 1,35 م وحتى 1,40 م. ويوضع بالعرض.
6. حصان الحلق : يتألف هذا الجهاز من عارضةوحلقتين. طوله 1,80 م ويرتفع عن الأرض 1,20 م وعرضه من الجهة العلوية 35 سنتم. يغطى الجهاز بالجلد ويوضع ف منتصفهحلقتان ارتفاع الواحدةمنهما 12 سنتم والمسافة بين الحلقة والأخرى 42 سنتم وتصنعان من الخشب المصقول.
أما السيدات فيمارسن هذهالرياضة بشكل تمرينات حرة على الأرض وبواسطةثلاثة أجهزة. وهذه التمرينات هي:
1. التمرينات الحرة على الأرض : ولها نفس قواعد التمريناتالتي للرجال.
2. متوازيان مختلفا الارتفاع : وهذا الجهاز عبارة عن عارضتين من الخشب موضوعتينعلى ارتفاعين مختلفين، ارتفاع العارضة الأولىيتراوح بين 2,30 م و 2,40 م وارتفاع العارضة السفلي 1,50 م.
3. حصان الوثب : جهاز مصنوع من الخشب، ومغطىبالجلد، ارتفاعه عن الأرض 110 سنتم ويوضعبالعرض.
4. عارضة التوازن : تصنع من الخشب المصقول، وطولها 5 أمتار وعرضها 10 سنتم وارتفاعها عن الأرض 1,20م.
تؤدي جميع حركات الجمبازسواء أكانت على الأرض أو بواسطة الأجهزة بطريقتين :
1. الحركات الإجبارية: وهذه الحركات والتمريناتتحدد من جانب اللجنة الدولية التيتشرف على المسابقة، ويمكن أداؤها بشكل فردي أو جماعي، بواسطة فريق، وتوضع العلامات من علامة إلىعشر علامات، من قبل أربعة حكام.
2. الحركات الحرة : وهي حركات تؤدي على نحو غير مقرر وبدرجة صعوبةعالية أما على الأرض وأما علىالأجهزة.
وفي المباريات الدوليةالكبرى ثلاث بطولات هي :
1 – البطولة العامة للفرق - 2 –البطولة العامة للأفراد - 3 – البطولة العامة لكل جهاز على حدة.